الرئيسية
من طرف أهل القرآن
من سنن الله في خلقه وتدبيره الحكيم في كونه سنة الاصطفاء والتميز والاختيار قال تعالى (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير) وقال تعالى (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها واكرمها على الله)..
فمن هذه النصوص الكريمة تعلم يقينا ان التميز والاصطفاء هو سنة ماضية في الأمم قدرا وشرعا ولقد تفاضلت الأمم فيما بينها عبر تاريخ البشرية الطويل ويحفظ التاريخ لكل أمة في القديم والحديث ذاتية متميزة بها عن غيرها من الأمم (زاد المعاد لابن القيم)..
وان كان تميز يرتكز على المواهب والقدرات الذاتية فإن مما يميز الأمة الاسلامية كتابها المنزل من لدن حكيم عليم قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فهذا من أهم الجوانب العظيمة التي تميزت بها الأمة الاسلامية بين الأمم والى قيام الساعة فهي أمة عربية انزل الله تعالى عليها كتابه بلسان عربي مبين وأرسل اليهم رسوله النبي العربي من انفسهم ليكون ذلك شاهدا على تكريمهم واعزازهم ويسر حفظ القرآن الكريم بين ابناء الاسلام وحبب ذلك الى قلوبهم ليكونوا من اهل القرآن المتميزين فمن حفظ القرآن الكريم جد وعظم في عين أمته.
وكان من نعم الله عز وجل على أهل القرآن انهم متميزون في جميع المجالات وكان اهتمام ولاة الامر في هذه البلاد بدور وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في جميع اصقاع المملكة وربوعها دلالة خير وهدى وزيادة نماء وازدهار وما مسابقة الامير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم في الدورة الحادية عشرة الا دلالة على صدق وإخلاص القائمين عليها نحسبهم كذلك وتنافس المئات من طلاب المدارس والجامعات وطالباتها الا دلالة على وعي وتحضر وتميز حقيقي في الفهم والسلوك.
لذا كان من الأجدر بأهل القرآن في كل مكان أن يحافظوا على هذه الصفة المميزة من خلال ما يلي:
المجال الأول التميز العقدي قال تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) فأهل القرآن يحافظون على عقيدتهم في الدنيا والآخرة لأنهم متميزون بها بما يلي:
- الوسطية في العقيدة فلا غلو لديهم ولا تنطع ولا إفراط ولا تفريط
- السهولة والليونة فليس لديهم تعقيد ولا غموض ولا خفاء ولا فلسفة عقلية ولا شطحات ذوقية ولا رهبانية مبتدعة ولا آصار ثقيلة فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار على كل قريب هين سهل).
- الجماعة والاجتماع فهم يدعون الى وحدة الصف ونبذ الخلاف والفرقة ويرتبط افرادها بوشائح الحب والمودة والرحمة والمودة والتكافل الذي يضمن الحقوق ويودي الواجبات في المجتمع.
- التفاؤل والأمل فلا بأس ولا إحباط ولا تشديد ولا تعسير بل اهل القرآن مأمورون بالتبشير والتيسير والبعد عن التعسير والتنفير.
المجال الثاني.. التميز الشرعي: قال تعالى (كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فأهل القرآن متميزون في العبادات لأن الشريعة التي أنزلت وحفظت من اجل دوام خيريتهم الى قيام الساعة.
- الاعتدال والمداومة فأهل القرآن أهل عبادة بالقدر الذي يطيقونه فلا زيادة ولا ابتداع قال تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)..
- العدل والمساواة في التشريعات لأنها تشمل الذكر والأنثى والغني والفقير والأمير والحقير.
- الرحمة والرفق في الأحكام فهي ترعى الضعيف وتعين المحتاج وتدعو المجتمع بأكمله الى التآزر والتكاتف من حيث التشريعات المفروضة او السنن المندوبة او فتح ابواب السماء للسائلين.
- المجال الثالث – التميز الاخلاقي.. قال تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عبدون) قال ابن القيم رحمه الله (الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين).. فشخصية أهل القرآن شخصية خلوقة متميزة بعطائها الذي لا ينضب وبتعاملها الحسن الكريم مع جميع افراد المسلمين وجماعتهم داخل البناء الاجتماعي الواحد أو مع غيرهم من المخالفين من الامم الاخرى سواء كانوا معاهدين او ذميين في السلم والحرب.
وما مميزت امة بأخلاقها كما تميزت الامة الاسلامية بأخلاق القرآن الكريم ضربت أروع الامثلة في الإحسان والتعامل بالقسط ووجوه البر الى المخالفين.
المجال الرابع- التميز العقلي:
فالإسلام دين العقل والتفكير وهو يدعو الى التأمل والتدبر في كتاب الله المسطور وكتابه المنشور ولن يحقق اهل القرآن خلافة الله الحقيقية الا بإعمار الأرض وتنمية الذات وتعزيز العقل الاسلامي بالبحث العلمي كرافد من روافد بناء الطاقات العقلية والمواهب الابداعية فتحقق الاستقلالية الفكرية وتبتعد عن التبعية المذلة والتقليد الأعمى لكل سلوك لا يليق بأهل القرآن.
فيجب على أهل القرآن ان يكونوا أحد الشواهد على الأمة المبدعة التي لها وزنها في مصاف الأمم المتقدمة خاصة مع سقوط الحواجز الجغرافية وسهولة الاتصالات العالمية والوقوف أمام محاولات إشعال نار العداوة البينية في الشعوب وإذكاء نار فتنة تصادم الحضارات.
وليكون أهل القرآن كما اراد الله تعالى اصحاب رسالة عالمية يرحمون العالمين ويبذلون المجهود ويتميزون في تفكيرهم واقوالهم واعمالهم قال تعالى (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
د. هدى بنت دليجان الدليجان
أستاذ مشارك بعلوم القرآن بكلية التربية بالأحساء
من سنن الله في خلقه وتدبيره الحكيم في كونه سنة الاصطفاء والتميز والاختيار قال تعالى (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير) وقال تعالى (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها واكرمها على الله)..
فمن هذه النصوص الكريمة تعلم يقينا ان التميز والاصطفاء هو سنة ماضية في الأمم قدرا وشرعا ولقد تفاضلت الأمم فيما بينها عبر تاريخ البشرية الطويل ويحفظ التاريخ لكل أمة في القديم والحديث ذاتية متميزة بها عن غيرها من الأمم (زاد المعاد لابن القيم)..
وان كان تميز يرتكز على المواهب والقدرات الذاتية فإن مما يميز الأمة الاسلامية كتابها المنزل من لدن حكيم عليم قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فهذا من أهم الجوانب العظيمة التي تميزت بها الأمة الاسلامية بين الأمم والى قيام الساعة فهي أمة عربية انزل الله تعالى عليها كتابه بلسان عربي مبين وأرسل اليهم رسوله النبي العربي من انفسهم ليكون ذلك شاهدا على تكريمهم واعزازهم ويسر حفظ القرآن الكريم بين ابناء الاسلام وحبب ذلك الى قلوبهم ليكونوا من اهل القرآن المتميزين فمن حفظ القرآن الكريم جد وعظم في عين أمته.
وكان من نعم الله عز وجل على أهل القرآن انهم متميزون في جميع المجالات وكان اهتمام ولاة الامر في هذه البلاد بدور وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في جميع اصقاع المملكة وربوعها دلالة خير وهدى وزيادة نماء وازدهار وما مسابقة الامير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم في الدورة الحادية عشرة الا دلالة على صدق وإخلاص القائمين عليها نحسبهم كذلك وتنافس المئات من طلاب المدارس والجامعات وطالباتها الا دلالة على وعي وتحضر وتميز حقيقي في الفهم والسلوك.
لذا كان من الأجدر بأهل القرآن في كل مكان أن يحافظوا على هذه الصفة المميزة من خلال ما يلي:
المجال الأول التميز العقدي قال تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) فأهل القرآن يحافظون على عقيدتهم في الدنيا والآخرة لأنهم متميزون بها بما يلي:
- الوسطية في العقيدة فلا غلو لديهم ولا تنطع ولا إفراط ولا تفريط
- السهولة والليونة فليس لديهم تعقيد ولا غموض ولا خفاء ولا فلسفة عقلية ولا شطحات ذوقية ولا رهبانية مبتدعة ولا آصار ثقيلة فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار على كل قريب هين سهل).
- الجماعة والاجتماع فهم يدعون الى وحدة الصف ونبذ الخلاف والفرقة ويرتبط افرادها بوشائح الحب والمودة والرحمة والمودة والتكافل الذي يضمن الحقوق ويودي الواجبات في المجتمع.
- التفاؤل والأمل فلا بأس ولا إحباط ولا تشديد ولا تعسير بل اهل القرآن مأمورون بالتبشير والتيسير والبعد عن التعسير والتنفير.
المجال الثاني.. التميز الشرعي: قال تعالى (كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فأهل القرآن متميزون في العبادات لأن الشريعة التي أنزلت وحفظت من اجل دوام خيريتهم الى قيام الساعة.
- الاعتدال والمداومة فأهل القرآن أهل عبادة بالقدر الذي يطيقونه فلا زيادة ولا ابتداع قال تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)..
- العدل والمساواة في التشريعات لأنها تشمل الذكر والأنثى والغني والفقير والأمير والحقير.
- الرحمة والرفق في الأحكام فهي ترعى الضعيف وتعين المحتاج وتدعو المجتمع بأكمله الى التآزر والتكاتف من حيث التشريعات المفروضة او السنن المندوبة او فتح ابواب السماء للسائلين.
- المجال الثالث – التميز الاخلاقي.. قال تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عبدون) قال ابن القيم رحمه الله (الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين).. فشخصية أهل القرآن شخصية خلوقة متميزة بعطائها الذي لا ينضب وبتعاملها الحسن الكريم مع جميع افراد المسلمين وجماعتهم داخل البناء الاجتماعي الواحد أو مع غيرهم من المخالفين من الامم الاخرى سواء كانوا معاهدين او ذميين في السلم والحرب.
وما مميزت امة بأخلاقها كما تميزت الامة الاسلامية بأخلاق القرآن الكريم ضربت أروع الامثلة في الإحسان والتعامل بالقسط ووجوه البر الى المخالفين.
المجال الرابع- التميز العقلي:
فالإسلام دين العقل والتفكير وهو يدعو الى التأمل والتدبر في كتاب الله المسطور وكتابه المنشور ولن يحقق اهل القرآن خلافة الله الحقيقية الا بإعمار الأرض وتنمية الذات وتعزيز العقل الاسلامي بالبحث العلمي كرافد من روافد بناء الطاقات العقلية والمواهب الابداعية فتحقق الاستقلالية الفكرية وتبتعد عن التبعية المذلة والتقليد الأعمى لكل سلوك لا يليق بأهل القرآن.
فيجب على أهل القرآن ان يكونوا أحد الشواهد على الأمة المبدعة التي لها وزنها في مصاف الأمم المتقدمة خاصة مع سقوط الحواجز الجغرافية وسهولة الاتصالات العالمية والوقوف أمام محاولات إشعال نار العداوة البينية في الشعوب وإذكاء نار فتنة تصادم الحضارات.
وليكون أهل القرآن كما اراد الله تعالى اصحاب رسالة عالمية يرحمون العالمين ويبذلون المجهود ويتميزون في تفكيرهم واقوالهم واعمالهم قال تعالى (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
د. هدى بنت دليجان الدليجان
أستاذ مشارك بعلوم القرآن بكلية التربية بالأحساء
